نظرةٌ أخيرة
هـي نظرةٌ قـبلَ الوداعَ.. وَدمـعــةٌ
لـــم تستطــع ذاك الــفراقَ فَــفَرَّتِ
كل الجـوارحِ فـــيَّ تـــبدي قـــوّةً
وأنا تركتُ الآن خـلفـــي قُــــوّتـي..
لمتـى سيَسكـننا الظَّلام؟ ولا نرى
أملاً.. سِـوى مـن شـقِّ باب الهجرةِ
جسدي يهرول للرحيلِ، وخافقي
متـشبّـثٌ.. هـذي بلادي.. عـــزوتي
أنا من بـلاد الشَّــام.. ســـوريُّ أنا
ونبيُّنا أوصــى بــتــلـكَ البــقـعــةِ
ما زلتُ أذكرُ يـومَ حــان فراقُـــنا
نــظراتِ أمّــي والـــوداعَ بــحرقة
في صوتها المجروحِ من ألم النوى:
دربَ السَّلامــة يـا بنَيَّ وَمـهجتي
أمغادرٌ؟ بالأمــسِ كنـــت بجانبـــي
أروي لتـغفو- يا صغيري- قصّتي..
أمغادرٌ؟ كـــم كنــتَ تشكـــو مُتعباً
مــتألّماً.. وغـــدا شـفـاؤُكَ ضَمّـتي
ستظلُّ طفلِي.. إن بَعـدت وإن هنا
تَبقى.. أرى فــي مقلتيكَ سعادتَي
أمّـــاه.. إنّـــي هـــا هـنا وَحدي ولا
دفءٌ -أيَـا نبـع الحنانِ- بِحـوزتي
لا تحـزنـــي.. فاللّه يعلــمُ حــالَنــا
وغداً سيُنســـينا شقــاءَ الغــربـــةِ
إن كان أرهـــقنا الحــنينُ، وأثقلت
أكبادَنا نـــوبُ الزمـــان وعَـــلّــتِ
بـــاللّه -لا بـســواه- آمــالي ارتــمـت
مــا خــاب مــن مولاه ربُّ العزة
فاجـــبر كــسـيراً تائهــا متـــشرّدا
وارحمه إن وافاه مـوتُ الفجأة
..مهما لــنا الأوطـــانُ تفتـحُ بابها
تبـقى بلادي رغم كلٍ.. جَـنّـتـي
شعر: قاسم مصطفى عباس
تعليقات
إرسال تعليق