طفل ومدفع - عبد الرحمن حويكه


{طفلٌ ومِدفع}


ماذا أقولُ ودمعُ العَينِ قد نفدا 
هدّوا الديارَ وما أبقوا بها أحدا

مُذْ كنتُ طفلاً رأيتُ القدسَ عاصمةً
للكونِ يا ربُّ فارحمْ كلَّ مَن شَهِدا

وإنني جالس واللهِ في خجلٍ
وكلما مات طفل قلبيَ ارتعدا

يقتلون صغارً رضّعاً وإذا 
استفاق حرٌّ بظرف غامضٍ وئدا

وإنما العربِ ملياران في عددٍ
لو جاشَ منهم قليلٌ حرروا الصفدا

ولكن العرب كل العرب قد رقدوا
وقلبيَ المتعبُ المهدود ما رقدا

فكلنا عاجزٌ، هل بات يرعبنا
أن نهجر الذلَّ نعلو في السما شهدا

ماذا تخافونَ موتاً؟ كلُّكُمْ جُثَثٌ
ياربُّ هيِّئ لنا مِن أمرِنا رَشَدا

عشرونَ عاماً مضتْ والبؤسُ يقتُلُني
هل سوف يهدرُ دم المسلمين سدى!

قاموا فراداً أما في المسلمين أبٌ
يقول إن فديت الروح والجسدا

قاموا فراداً وما خافت رجالهم
وكانَ أصغرُ طفلٍ منهم أسدا

قاموا فراداً وجبرائيل قائدهم
يمشُونَ والخوفُ في الأحفادِ ما وُجِدا

دبّابةٌ مِدفَعٌ في كفِّ غاصِبِهِمْ
جيشٌ وضيع وإن فاق الورى عددا

والطفلُ يمشي وفي مقلاعهِ حجرٌ
يعلِّمُ الدهرَ أنَّ الحرَّ قد وُلِدا!

يا قدسُ أنت ضياءُ الله فانتصري
على الأعادي وكوني العونَ والسندا

وأنتِ فاتنتيْ ما قلتُ أغنيةً 
إلا ولحنُكِ غطّى العالمينَ صدى

وأنت لحنُ بكائي...فَيضُ قافِيتي
فها دموعيَ صارتْ في الصباحِ ندى

يا قدسُ أنتِ عروسُ الكون فابتسمي
فربُّنا سوفَ يقضي اليومَ ما وَعَدا

وإنما الحزن أن القدس إن نهضت
وكان جسمي من الأسقام قد همدا

فإن وصلتم إلى الأقصى ويحضنني
قبري فمروا سريعاً واحرقوا الجسدا

 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة نشيد مريد

حبيبتي والربو - عامر رزوق

ياقوتة الكون - أسامة قطان